الخميس، أبريل 25، 2013

المهرجان كحاجة مهنية

 نشرت تلك المقال ضمن نشرة المهرجان الأكاديمي الثالث الذي أقامه المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت في الفترة الممتدة من 27 مارس 2013 إلي السادس من أبريل 2013 .. وقد نشرت المقال بالعدد الرابع



منذ ميلاد الفن المسرحي  أثرت المهرجانات بشكل فاعل وعميق في تطوير تقنيات العرض المسرحي وذلك عبر الطبيعة التنافسية التي تسيطر علي المهرجانات من ناحية ،وكذلك وعبر إتاحتها لفرص مثالية لتلاقي المسرحيين و تبادل الأفكار و الخبرات فيما بينهم ، فالعرض المسرحي المحدود بحدود مكان وزمان عرضه  ينطلق عبر المهرجان صوب الاصطدام بثقافات مغايرة لثقافة منتجيه ومتلقيه المستهدفين .. فتنمو أهمية التقنية في مقابل تراجع أهمية الخطاب .. بل وتتحول التقنية إلي فاعل أساسي في تشكيل الخطاب خاصة إذا كان هناك حدود لغوية فاصلة بين العرض ومتلقيه .
ومن خلال ذلك يمكن أن نصل إلي أن المهرجانات المسرحية بطبيعتها تمتلك أهمية مهنية بالأساس إلي جانب دورها في تنشيط الظاهرة المسرحية بالموقع المستضيف .. هذه الأهمية المهنية هي العائد الأكبر فعبر تبادل التقنيات الخبرات المهنية في مجال المسرح تنتقل الأفكار و الثقافات في كافة الاتجاهات ويتحقق الأثر الأعمق و هو تزايد التفاعل و التلاقح الإيجابي بين الثقافات دون نفي ثقافة لآخرى كما يحدث مع الغزو العسكري أو الثقافي الأحادي الاتجاه والذي يعطي الأفضلية لثقافة في الانتشار والتغول على ثقافات أضعف (كما هو حال الثقافة الغربية منذ بداية العصر الاستعماري وحتى الآن).
وفي ظل واقع شديد العنف وسريع التحول كما هو حال الواقع العربي في ظل ثورات الربيع التي امتدت عبر أرجاء الوطن العربي تبرز الحاجة أكثر فأكثر للمهرجانات لتحقيق التواصل بين المسرحين العرب لتبادل الخبرات والأفكار ليس حول الواقع الاجتماعي والسياسي الملتبس فحسب بل وقبل ذلك لإدراك أثر تلك المتغيرات الاجتماعية و السياسية والتكنولوجية على واقع المهنة المسرحية وبالأساس على التقنيات و الرؤى التي تقدم لوعي كل مجتمع لذاته وللعالم في ظل تلك التحولات السريعة و الكبيرة التي تعصف بالمنطقة العربية و تدفعها دفعاً نحو عالم ربما لم تكن على استعداد لدخوله .
ولعل المهرجان الأكاديمي الذي يقيمه المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت نموذج للاستجابة الواقع المسرحي العربي لتلك الحاجة  .. فعبر أعوامه الثلاث أنطلق (كما يشير عنوانه) من الطبيعة الأكاديمية الهادفة لدراسة التقنيات المسرحية بالأساس نحو تحقيق تلك الفائدة المرجوة من المهرجان سواء عبر الدورات المحلية التي أتاحت للدارسين والعاملين بالمهنة المسرحية التجمع خلال فترة المهرجان لتبادل الخبرات و الأفكار .. أو كما هو الحال في الدورة الأخيرة الانفتاح على التجارب العربية من خلال عروض مصرية ومغاربية وأمارتيه تمثل واقع الظاهرة المسرحية بالأكاديميات المختصة بدراسة الفن المسرحي.
إن ذلك النمو السريع للمهرجان خلال ثلاثة أعوام يمثل نموذجاً لنمو الحاجة بالواقع المسرحي العربي (بشكل عام) للوعي بأثر تلك المتغيرات الكبيرة على التقنيات المسرحية والأفكار التي يتعرض لها شباب المسرح العربي وتشغلهم على المستوي الإقليمي أو العربي.
فتحية للدكتور فهد سليم السليم و الدكتور راجح المطيري وكافة أعضاء هيئة التدريس و طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت لمساهمتهم بتحقيق تلك الغاية المرجوة من المهرجانات المسرحية ، وعلى اهتمامهم بتنمية الظاهرة المسرحية العربية إقليما وعربياً عبر الاحتكاك بين الفرق الأكاديمية المختلفة من خلال إتاحة الفرصة لدارسي الفن المسرحي بأقطار عربية  مختلفة لتبادل معارفهم ورؤاهم لواقعهم .

ليست هناك تعليقات:

في انتظار العائلة ... ثنائية البراءة والذنب

  منذ الوهلة الأولى، يتجلى عرض في انتظار العائلة بوصفه دراما تعبيرية تدور في فلك العالم الداخلي لمحامٍ يسعى للموت في أجواء كابوسية، حيث تطال...