يصعد نص عرض "في الانتظار" نحو أفق شديد الالتصاق بما هو حسي وقابل للتماس بالجسد.. وسواء في هذا أكان ذلك التماس قوي وعنيف وحاد.. كما في مشهد "المخرج المثلي والممثل “.. أو كان تماس مستتر ومتخفي خلف ستر المشاعر والقيم.. كما حدث في مشهد الأطباء.... فإننا وحتى النهاية لا نجد سوي الجسد المنتهك والغير قادر على استيعاب انتهاكه ومواجهة منتهكيه أو حتى التوغل في مبررات ذلك الانتهاك وإدراكه..
ومن هنا صار المجال الأساسي - الذي يتناوله عرض " في الانتظار- لحسن البلاسي"- مستوي حسي لا يري سوي الجسد بل صار ذلك المستوي بل لقد جار ذلك الطرح على بقية المستويات الأخرى التي تحرك فيها العرض مثل مستوي قضية العدالة الاجتماعية التي يمر بها العرض بهدوء.. وكذلك مستوي الانتظار العبثي للمخلص....
بل أننا يمكن لنا القول أن ذلك المستوي الحسي قد أستوعب تلك المستويات المختلفة داخله وحول الانتهاك الاجتماعي الممارس على المُضربين - سواء في المستوي الواقعي أو على مستوي الاسترجاع - إلي صورة من صور الانتهاك الجسدي... بل أن صوت الاستغلال (محمد يحيي ) أصبح بدوره نموذجاً للجسد في كافة تحولاته سواء أكان الأخ مبتور الجسد.. أو كان المخرج المثلي... بل و الضابط الذي يدعو لجو(أحمد البيطار) للتجسس لصالح الجيش من أجل التأكد من تصنيع أسلحة كيميائية... ففي كل المستويات صار الجسد المنتهك هو المرادف للانتهاك الاجتماعي والاقتصادي وصار الانتظار للمخلص هو انتظار للخلاص من الانتهاك الجسدي المستمر... لكن هذا الانتظار يكتسب عبثيته في النهاية من مقتل “ميلر/المخلص- أحمد خليل" وهو ما يعد أقصي درجات الانتهاك الجسدي بالتأكيد.
وقد دعم العرض ذلك المستوي من خلال التلويح الدائم بالجسد الذكوري المنتهك في مقابل الانتهاك النفسي للأنثى داخل عالم العرض.... وهو الأمر الذي ساعد في تخليق حاله القلق لدي متلقي العرض لما يناهضه ذلك الطرح من قيمة صارت في عداد المسلمات داخل منظومة الخطاب الذكوري المهيمن والتي تقول بكون الانتهاك الجسدي خاص بالأنثى دون الذكر... لكن العرض سرعان ما يمر على ذلك الطرح المناهض ويعبره دون أني انتباه مما يكشف عن عدم إدراك مصنعي العرض لذلك التناقض المناهض لمنظومة كاملة من الأفكار... وأن ظل ذلك الطرح يبرز بين الحين والأخر عبر مشاهد الاسترجاع والتي تؤكد على انتهاك الجسد تماماً كما ظهر عبر ذلك العنف والتلامس الجسدي المستمر على مستوي الواقع (موقع الإضراب)... وفي النهاية عبر "رجل الظل- حسام أيمن " العاري الصدر....
ربما يمكن أن ينقض ذلك الطرح الذي نحن بصدد عرضه... إصرار العرض على أبراز الجسد من خلال شخصيات الضد (رجل الظل – والشخصيات التي يؤديها محمد يحيي) وليس العكس إلا في نهاية العرض عندما يخلع عن "الممثل – إبراهيم أبو سليمة" قميصه من قبل شخصية الضد العارية (محمد يحيي)...
ربما يخلخل ذلك أطروحة الانتهاك الجسدي عن المُضربين... ففي العادة ما يتحول الانتهاك الجسدي إلي معادل إلي معادل للانتهاك الاجتماعي / الاقتصادي وليس العكس... حيث أن قلب ذلك الطرح يعني أن من يقوم باستغلال ودفع المُستغليِن نحو التشيؤ يقوم بجذبهم في اتجاه عالمه الشخصي وليس نفيهم وتحويلهم لأدوات... كما يطرح منطوق مشهد (المخرج والممثل )... ولكن وكي ما نعبر ذلك التناقض ربما كان من اللازم دمج الانتهاك الجسدي داخل منظومة أوسع تنظر للجسد كمحرم يجب مواجهته ونفيه لما يمثله من إذلال وما ينتج عنه من انتهاك للروح..
وبالتالي أصبحت شخصيات الضد شخصيات غير معرفة وغير محددة المعالم فهي تمثل الجسد.. ولا شيء غير الجسد الذي هو المُستغلِ والمستغلَ في ذات الوقت... ومن هنا صار من الممكن أن يستوعب الانتهاك الجسدي القضية الاجتماعية وفرضيات المخلص الدينية...
وهو ما نجده تحققا في العرض على كافة مستوياته... سواء على مستوي الحركة أو على مستوي الإضاءة وبقية مكونات الرؤية البصرية للعرض حيث سادت حالة من الخفوت – التي ربما تعود لظروف مكان العرض - في الإضاءة..والاهتمام بعبور الجسد صوب الروح عبر التنويعات اللونية الباردة والحارة... وهو ما تحقق في الديكور الذي شكلت وحده الحواجز الخشبية أهم مكوناته فخلفها تختبئ الشخصيات وبها تصنع عالمها لكنها هنا حواجز محطمة غير قادرة على الحماية من اقتحام ذلك العالم لهم وانتهاكهم... وهو ما يبرز في مشهد اقتحام مقر الإضراب وتحقق الانتهاك الجسدي الأخير للشخصيات المتمثل في خلع ملابس "الممثل" وتحويله لقناع.
ولكن وفي النهاية – ورغم ما يجده ذلك الطرح من عناصر مساندة له داخل العرض – فلقد كان من الواضح أنه كان يتحرك في خلفية عالم العرض بحرية ودون حاكم بشكل جعله يتحرك في بعض الأحيان صوب مواجهة ذاته ونقض ما يخلقه من مرتكزات وما يطرحه من خطاب هو بطبيعته رجعي... مثلما حدث في مناهضة العرض لسيادة الجسد الذكوري – كما سبق الذكر- وهو ما أتضح أيضاً في سقوط العرض داخل ذاته وعدم قدرته على إيجاد مخرج واضح يجمل به أفكاره ويستكمل خطابه... وهو ما أتضح في وجود أكثر من نقطة صالحة لتكون نهاية ممكنة للعرض... وأخيراً هو ما أتضح في تعثر إيقاع العرض برغم براعة الممثلين المنقوصة بسبب مشكلات الصوت سواء التقنية أو التي نبعت من عدم قدرة معظم الممثلين على إيصال صوتهم بوضوح للقاعة.
ومن هنا صار المجال الأساسي - الذي يتناوله عرض " في الانتظار- لحسن البلاسي"- مستوي حسي لا يري سوي الجسد بل صار ذلك المستوي بل لقد جار ذلك الطرح على بقية المستويات الأخرى التي تحرك فيها العرض مثل مستوي قضية العدالة الاجتماعية التي يمر بها العرض بهدوء.. وكذلك مستوي الانتظار العبثي للمخلص....
بل أننا يمكن لنا القول أن ذلك المستوي الحسي قد أستوعب تلك المستويات المختلفة داخله وحول الانتهاك الاجتماعي الممارس على المُضربين - سواء في المستوي الواقعي أو على مستوي الاسترجاع - إلي صورة من صور الانتهاك الجسدي... بل أن صوت الاستغلال (محمد يحيي ) أصبح بدوره نموذجاً للجسد في كافة تحولاته سواء أكان الأخ مبتور الجسد.. أو كان المخرج المثلي... بل و الضابط الذي يدعو لجو(أحمد البيطار) للتجسس لصالح الجيش من أجل التأكد من تصنيع أسلحة كيميائية... ففي كل المستويات صار الجسد المنتهك هو المرادف للانتهاك الاجتماعي والاقتصادي وصار الانتظار للمخلص هو انتظار للخلاص من الانتهاك الجسدي المستمر... لكن هذا الانتظار يكتسب عبثيته في النهاية من مقتل “ميلر/المخلص- أحمد خليل" وهو ما يعد أقصي درجات الانتهاك الجسدي بالتأكيد.
وقد دعم العرض ذلك المستوي من خلال التلويح الدائم بالجسد الذكوري المنتهك في مقابل الانتهاك النفسي للأنثى داخل عالم العرض.... وهو الأمر الذي ساعد في تخليق حاله القلق لدي متلقي العرض لما يناهضه ذلك الطرح من قيمة صارت في عداد المسلمات داخل منظومة الخطاب الذكوري المهيمن والتي تقول بكون الانتهاك الجسدي خاص بالأنثى دون الذكر... لكن العرض سرعان ما يمر على ذلك الطرح المناهض ويعبره دون أني انتباه مما يكشف عن عدم إدراك مصنعي العرض لذلك التناقض المناهض لمنظومة كاملة من الأفكار... وأن ظل ذلك الطرح يبرز بين الحين والأخر عبر مشاهد الاسترجاع والتي تؤكد على انتهاك الجسد تماماً كما ظهر عبر ذلك العنف والتلامس الجسدي المستمر على مستوي الواقع (موقع الإضراب)... وفي النهاية عبر "رجل الظل- حسام أيمن " العاري الصدر....
ربما يمكن أن ينقض ذلك الطرح الذي نحن بصدد عرضه... إصرار العرض على أبراز الجسد من خلال شخصيات الضد (رجل الظل – والشخصيات التي يؤديها محمد يحيي) وليس العكس إلا في نهاية العرض عندما يخلع عن "الممثل – إبراهيم أبو سليمة" قميصه من قبل شخصية الضد العارية (محمد يحيي)...
ربما يخلخل ذلك أطروحة الانتهاك الجسدي عن المُضربين... ففي العادة ما يتحول الانتهاك الجسدي إلي معادل إلي معادل للانتهاك الاجتماعي / الاقتصادي وليس العكس... حيث أن قلب ذلك الطرح يعني أن من يقوم باستغلال ودفع المُستغليِن نحو التشيؤ يقوم بجذبهم في اتجاه عالمه الشخصي وليس نفيهم وتحويلهم لأدوات... كما يطرح منطوق مشهد (المخرج والممثل )... ولكن وكي ما نعبر ذلك التناقض ربما كان من اللازم دمج الانتهاك الجسدي داخل منظومة أوسع تنظر للجسد كمحرم يجب مواجهته ونفيه لما يمثله من إذلال وما ينتج عنه من انتهاك للروح..
وبالتالي أصبحت شخصيات الضد شخصيات غير معرفة وغير محددة المعالم فهي تمثل الجسد.. ولا شيء غير الجسد الذي هو المُستغلِ والمستغلَ في ذات الوقت... ومن هنا صار من الممكن أن يستوعب الانتهاك الجسدي القضية الاجتماعية وفرضيات المخلص الدينية...
وهو ما نجده تحققا في العرض على كافة مستوياته... سواء على مستوي الحركة أو على مستوي الإضاءة وبقية مكونات الرؤية البصرية للعرض حيث سادت حالة من الخفوت – التي ربما تعود لظروف مكان العرض - في الإضاءة..والاهتمام بعبور الجسد صوب الروح عبر التنويعات اللونية الباردة والحارة... وهو ما تحقق في الديكور الذي شكلت وحده الحواجز الخشبية أهم مكوناته فخلفها تختبئ الشخصيات وبها تصنع عالمها لكنها هنا حواجز محطمة غير قادرة على الحماية من اقتحام ذلك العالم لهم وانتهاكهم... وهو ما يبرز في مشهد اقتحام مقر الإضراب وتحقق الانتهاك الجسدي الأخير للشخصيات المتمثل في خلع ملابس "الممثل" وتحويله لقناع.
ولكن وفي النهاية – ورغم ما يجده ذلك الطرح من عناصر مساندة له داخل العرض – فلقد كان من الواضح أنه كان يتحرك في خلفية عالم العرض بحرية ودون حاكم بشكل جعله يتحرك في بعض الأحيان صوب مواجهة ذاته ونقض ما يخلقه من مرتكزات وما يطرحه من خطاب هو بطبيعته رجعي... مثلما حدث في مناهضة العرض لسيادة الجسد الذكوري – كما سبق الذكر- وهو ما أتضح أيضاً في سقوط العرض داخل ذاته وعدم قدرته على إيجاد مخرج واضح يجمل به أفكاره ويستكمل خطابه... وهو ما أتضح في وجود أكثر من نقطة صالحة لتكون نهاية ممكنة للعرض... وأخيراً هو ما أتضح في تعثر إيقاع العرض برغم براعة الممثلين المنقوصة بسبب مشكلات الصوت سواء التقنية أو التي نبعت من عدم قدرة معظم الممثلين على إيصال صوتهم بوضوح للقاعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق