السبت، فبراير 25، 2023

مهرجان المسرح الصحراوي بالشارقة .... طموح المقاومة والبحث عن ما يجمعنا

 

بداية ربما يكون من المجحف حصر مهرجان المسرح الصحراوي بدورته السادسة في حدود تناول فعاليات العروض المسرحية -حتى لو كانت تلك العروض هي الفعالية المركزية للمهرجان- ذلك أن المهرجان ارتكز إلى مجموعة من الفعاليات والممارسات الأدائية وغير الأدائية المتنوعة التي تحيل جميعها للعلاقة بين الثقافة المحلية للإمارات العربية والصحراء، بداية من الموقع المختار للمهرجان والذي يتطلب الخروج من مدينة الشارقة صوب الموقع الذي يشمل فندق بيئي (خيام) وفاعليات متنوعة (مسابقات طهي لوصفات شعبية، شعر نبطي وفصيح ، مشروبات تقليدية يتم تقديمها مجانًا للزوار، مسابقات، ولائم تقليدية للحضور، ندوات، أزياء، موسيقى، تصميم الموقع.....الخ) بما يحقق انغماس كامل للحضور في التجربة.

إن كل ذلك ربما يؤشر على كون العروض المسرحية التي قدمها المهرجان لا يمكن التعامل معها بوصفها تجارب في فضاء مفتوح ومحايد فحسب، بل ربما يكون من الأفضل رؤيتها بوصفها جزء من فعاليات يحضرها ويمارسها المتفرج بوصفها تجربة حية يشارك فيها بحواسه وجسده، تجربة حية تمتد لعدة ساعات يتم فيها استعادة رمزية لثقافة البادية العربية وروائحها ومذاقتها وملمسها.. تجربة تصبح فيها الحركة في الرمال جزء من تجربة المتفرج القادم من المدينة.. بالطبع لا يمكن أن نتوقع أن تكون تجربة منفتحة مثل النزهات والتخييم الحر في الصحراء بلا حدود، إنها تجربة مؤطرة ومحكومة بصريًا ومكانيًا، خاضعة لتوقيت محدد لكل فعالية، تحدها بوابات وتفصل بين فعالياتها المختلفة لوحات إرشادية، تجربة تستهدف تحقيق أهداف ثقافية في إطار تشاركي وترفهي وثقافي أولها على المستوى الوطني: متمثلًا في استعادة العلاقة بين المتفرج والعناصر الأدائية والمادية والشفاهية للثقافة التقليدية والحفاظ عليها وتنميتها، وهو ما يتحقق على مستوى العروض بعرض (سلوم العرب) وثانيهما: هو تأكيد العلاقات الممتدة والعابرة للحدود الوطنية نحو الانتماء القومي من خلال التجارب المسرحية التي تؤكد بشكل مباشر (كما في عرض الخيمة الذي ينتهي بتأكيد على الروابط بين التراث والثقافة الحسانية والشارقة) أو بشكل غير مباشر عبر ملامسة المتفرج لملامح التشابه الثقافي بين ثقافته المحلية مع العروض التي تقدم لتجليات مختلفة للثقافة العربية خارج المدن في عدد من المواقع (الحسكة بسوريا – النوبة المصرية – الصحراء المغربية والموريتانية) هي تجارب يمكن للمتفرج رصد عناصر التشابه التي تجمعها، وهو ما يكتمل مع توجه عام للعروض نحو خلط مستويات لغوية متعددة من الدارجة وحتى الفصحى المعيارية الحديثة لتحقيق تواصل لغوي مع الجمهور...

بالتأكيد فإن ذلك التوجه الواضح والذي يشارك في تشكيله الحضور والفنانين في أجواء احتفالية وجد لنفسه موقع ضمن الموضوعات التي تتناولها العروض التي توافقت مع توجهات المهرجان بداية من عرض الافتتاح الإماراتي (سلوم العرب للمخرج محمد العامري وفرقة مسرح الشارقة الوطني) والذي ينطلق من جلسة حكي يقوم فيها الراوي بحكي ثلاث حكايات تتناول الأخلاق والتقاليد، مرورًا بالعرض المصري السامر والذي قدم في اليوم الثاني(للمخرج ناصر عبد المنعم وفرقة ناس النهر) فهو يدور حول غادة التي يرسلها أباها للقرية لمحاولتها الزواج من شاب لا ينتمي للنوبة، ثم العرض السوري رثاء والذي قدم ثالث أيام المهرجان(للمخرج سامي عمران وفرقة مختبر فنون الأداء) الذي يعيد تقديم قصة حب مأساوية وتراثية بين الزاهد بن عوين ونجمة على ضفة نهر الخابور بالحسكة، والعرض المغربي الخيمة والذي تم عرضه في اليوم الرابع(للمخرج أمين ناسور وفرقة جمعية أنفاس للثقافة والفنون) حيث يدور العرض حول رحلة تخوضها "مغلاها" وصاحبتها "تيبة" في الصحراء المغاربية بحثًا عن "أم الفركان" حسب وصية الجد الذي ترك لها وصية بالبحث عنها، حيث تتقدم الرحلة داخل وعبر التراث الحساني الخاص بالصحراء (الأحاجي والغناء والرقص أو عبر اللقاء بشخصيات أسطورية مثل شرتات ...الخ) لتصل في النهاية لأم الفركان، وفي اليوم الأخير العرض الموريتاني منت البار(للمخرج سلي عبد الفتاح وفرقة جمعية إحياء للفنون الركحية) الذي يدور حول عزيزة بنت البار التي يقرر أباها أن يترك لها حرية الزواج بمن تريد فترفض كل الخطاب القادمين من خارج القبيلة ويستقر الصراع على خطبتها بين ثلاث فرسان قبلما تتصاعد الأحداث مع هجوم من مجموعة يطلقون على أنفسهم الضباع.

إن تلك الموضوعات التي تناولتها العروض وكما يبدو تدور أحداثها ويتجه خطابها صوب التأكيد على الأصول الأخلاقية والتقاليد الخاصة بالثقافة العربية في صورتها النقية بالصحراء، وهو ما يمكن أن يطرح العديد من القضايا التي تثيرها العروض، لكننا سوف نتوقف هنا عند مستويين فحسب أولهما: الفضاء بوصفه العنصر الأكثر قوة وحضورًا على مستوى التجربة التي يخوضها المتلقي والمبدع على عدة مستويات وثانيهما: الراوي بوصفه التقنية الأكثر حضورًا والتي تشكل المرتكز الأساسي لغالبية العروض.

الفضاء الذي يجمعنا

إن ذلك الفضاء الذي نشير إليه هنا هو الفضاء الذي تشكلت فيه العروض المسرحية والتي قدمت ضمن فعاليات المهرجان وشاركت في تكوينه، بحيث يصبح من الصعب تفهم العلاقات والتصورات البصرية لعروض المهرجان دون العودة لذلك الفضاء الثقافي الذي تقدم فيه والذي يجمعها ويدمجها داخله، لا يمكن تفهم السينوجرافيا الثابتة والمكررة في العروض دون تفهم الخطاب الذي يتشكل عبر العروض والذي يؤكد على التشابهات ويحاول تحييد التمايزات والفروق، وهو أمر ربما نجح فيه المهرجان إلى حد بعيد.. فعلى مستوى تشكيل موقع المسرح يمكننا أن نلمح توجه واضح نحو زاوية رؤية واسعة سواء على مستوى الامتداد أو عمق فضاء الأداء والذي بدأ في بعض الأحيان (كما في حالة عرض رثاء) شاسع وغير قابل للسيطرة عليه، لقد كان ذلك الفضاء هو التحدي الأول والأساسي لكافة العروض المشاركة.. فهو مفتقد للحميمية التقليدية التي توفرها دار العرض المسرحي، قابل للاختراق طوال الوقت عبر مصادر تشتيت متنوعة، وتقسيم للفضاء قائم على العزل والمباعدة بين فضاء الأداء وفضاء التلقي الذي لا يبتعد مكانيًا فحسب، بل ويحتاج لمجهود مضاعف لتذويب المفارقات الثقافية، هل يبدو الأمر شديد الصعوبة؟

نعم إن العرض المسرحي يحتاج لمجهودات مضاعفة مثل التأكيد على الأوضاع الجسدية بشكل مبالغ فيه لتحقيق التواصل مع الجمهور في مثل هذه الظروف وهو ما تنوعت استجابات المؤدين له عبر العروض بين عدم الانتباه لضرورات التواصل البصري مع المتفرج وحتى النجاح في التواصل من خلال استخدام مكثف للجسد والأذرع  وحركة الرأس على مستوى المؤدي الفرد والتي ربما كان عرض (منت البارى) أكثر العروض نجاحًا في استخدامها، وعلى مستوى آخر يوجد إدارة  حركة المجموعة والتأكيد على الحالة الجماعية التي تخفف من الشعور بالفراغ غير المشغول وهو ما سعت عروض (سلوم العرب، منت الباري، الخيمة) لتحقيقه بدرجات مختلفة من النجاح.. بينما واجهت العروض التي لا تمتلك خبرات بالتعامل مع مثل ذلك الفضاء أزمات حقيقية مثل عرض (السامر) الذي ظل معظم الوقت مكتفيًا باستخدام مساحات محدودة من ذلك الفضاء، أو عرض رثاء الذي تعثر بشكل كامل في التعامل مع ذلك الفضاء الذي تجلى عدائيًا للعرض ومحطم لكل محاولاته للاستمرار.

لكن وبرغم كل تلك الصعوبات التي فرضها الفضاء على العروض ظلت أبرز التحديات التي واجهها المخرجين هي التعامل مع العمق الممتد، فلم ينج أحدهم من غواية استخدام التشكيل الطبيعي للفضاء المسرحي من النقاط الأكثر ارتفاعًا في العمق ونهاية بالأقل انخفضًا والتي تواجه الجمهور بما يمثله ذلك من تهديد لعملية البناء البصري للمشهد – وللعرض المسرحي ككل بالتبعية – من ناحية وللتواصل مع الجمهور وهو الأهم من ناحية ثانية.. ربما حاول المهرجان تقليص تلك الأزمة عبر اللجوء لتسجيل صوتي للعرض متحررًا من عناصر التشويش التي يفرضها المكان المفتوح.. لكن من ناحية أخرى ومع العلاقات المكانية بين المتفرج والعروض فإن مساحات الغربة والانفصال زادت ولم تتقلص.

ربما كان الرهان الأساسي للمهرجان والمبدعين هو استكشاف فضاء الصحراء ليس بوصفه مكان مفتوح محايد – وإن كان يصعب وصف أي مكان بالمحايد – بل بوصفه موقع يمتلك طبقات متعددة منها ما ينتمي للطبيعة ومنها ما ينتمي للثقافة ومنها ما ينتمي لفنون الأداء بشكل عام والمسرح بشكل محدد... وهو ما سوف نتوقف عنده الأن.

الراوي الذي يربطنا

نستطيع أن نرصد الأدوار التقليدية للراوية / الحكي وبعض أنماط وأساليب حضورها (بعروض الدورة السادسة من مهرجان المسرح الصحراوي) حيث يحضر الراوي بوصفه صانع العالم الذي يعيد إحياء الماضي عبر استدعاؤه من سباته وتقديمه لمتفرج لا ينتمي لذلك الفردوس المفقود والضائع (فالمتفرج هنا هو ابن المدينة الحديثة الذي تسعي العروض معه لاستكشاف هويته التي ربما بدأت المدينة في تشويشها)، إن الراوي يصحبنا لعالم الصحراء المتحرر من كافة تعقيدات المدينة الحديثة الموصومة بانفصام علاقتها مع المصادر الراسخة والأساسية للثقافة في صورتها الأكثر نقاءً للعلاقة مع الهوية، الطبيعة، الكون والتاريخ، إن الراوي /الراوية في عروض المهرجان يعيد سرد وتوحيد العلاقة القديمة بين الإنسان والطبيعة (الصحراوية)، تلك العلاقة التي تستعيد اليقين وإمكانية الاتصال المباشر بين الطبيعة والثقافة؛ وهو ما يتم عبر  قيام الراوي بالوصف وسد الثغرات وتحديد الفضاء الذي يتم فيه تجسيد الحكاية وإضفاء طابع احتفالي على عملية استعاده ذلك الفردوس عبر خطابه، لكن الأهم في تلك التجارب المسرحية كان هو السعي لإعادة ترميم ثنائية الثقافة والطبيعة، ذلك أن الثقافة تم تقديمها بوصفها تمتاز بالثبات والسكون بحيث يمكن الإشارة إليها من أي موقع مغاير زمنيًا أو ثقافيًا بقدر من الثقة والاطمئنان لعدم تلوثها أو تمازجها مع عناصر ثقافية قادمة من ثقافات أخرى، لذا فإن الطبيعة التي تحضر هنا(بوصفها فضاء العرض/ الفضاء المسرحي/الفضاء الدرامي) لا تقدم بوصفها مجرد الخلفية التي يتحرك عليها البشر بقدر ما هي التجسد الواقعي لثبات ورسوخ الثقافة سواء على مستوى كونها هي الفضاء الواقعي أو الثقافي الذي يتشاركه المتفرج والعرض، أو على مستوى حضورها بوصفه المحدد للهوية والأصل والمركز المؤسس للنظام الأخلاقي الذي يستجيب لقواعدها ويعيد أنسنتها ويضفي عليها عبر الثقافة هويتها، كما يشير عرض "سلوم العرب" الإماراتي  وعرض "منت البار" الموريتاني، حيث يقوم الراوي في العرضين باستعادة العلاقة التكاملية بين الطبيعة والثقافة (برغم الاختلافات حيث يتموضع الراوي بها في عرض سلوم العرب بوصفه شخصية درامية في المسرحية الإطارية ويتم عبرها توليد الحكايات الداخلية، بينما في عرض "منت البار" هو راوي منفصل يقدم العالم للجمهور قبلما يغيب أمام حضور العالم المروي عنه ليحضر في النهاية ليغلق أبواب الحكاية ويطرح على الجمهور الروايات المختلفة لنهاية حكايته) ففي "منت البار" يقودنا الراوي للتعرف على عالم الثقافة العربية / الحسانية في افتتاحية العرض عبر إعادة تجسيد لبعض ملامح طقس الاستسقاء والدعاء لله المرتبط به حيث يكتسب ذلك المشهد الافتتاحي قيمته داخل العرض -برغم انفصاله وعدم ارتباطه بالدراما- من ذلك الرابط الهش المتمثل في تقديم شخصية محمد البار بوصفه شخصية تمتلك سلطة داخل القبيلة مستمدة من أخلاقه وتدينه الذي يصل للسماء فتعدل الطبيعة من مسارها ويهطل المطر، يتكرر ذلك في عرض سلوم العرب عبر حكاية الأخ الذي يستجيب لتحريض صديقه (الذي يقدم بوصفه استعارة للشيطان على مستوى الصورة عبر موقعه المرتكز دائما إلى كتف الأخ والصوت الذي يحاكي الفحيح في بعض الأحيان) حيث تنتهي الحكاية بعقاب جماعي من القبيلة بترك الأخ القاتل ليكون فريسة للندم الأخلاقي في المستوى الأول والطبيعة القاسية التي ستقتله في المستوى الثاني.

إن تلك العلاقة بين تماسك النظام الأخلاقي والطبيعة هو تأكيد لعلاقة الثقافة والطبيعة بوصفهما وجهي عملة واحدة تحتل فيها الطبيعة موقع النقش بينما تكتب الثقافة فوقها وتستند إليها كما نجد في تلك الاستعارة الشاعرية للرمال في عرضي "رثاء" و"الخيمة" ، ففي عرض (رثاء) تتحول الرمال لصفحة تبادل رسائل العشق وقصائد الحب بين العاشقين قبلما ينتهي العرض بالكتابة بالنار عليها، بينما في عرض الخيمة تتحول الرمال التي يتم نثرها أثناء الرقصات للتأكيد على تلك العلاقة التي تحل فيها الثقافة بوصفها الكتابة على صفحة الطبيعة. ويمكننا الإشارة هنا أيضا لعرض السامر الذي ينطلق من رواة متعددين في محاولة لتلمس شكل السامر الذي يعود لصوت راوي منتمي للثقافة النوبية التي تفقد تمايزها ببطء عن الثقافة العربية في لحظة صراعها مع المدينة والتي تمثلها شخصية غادة لينتهي العرض بانتصار مجتمع القرية على المدينة وعودة غادة بإرادتها إليه ولتقاليده وأخلاقياته وقيمه وسط أجواء احتفالية... بالمجمل فإن الراوي الذي يحمل هم أخلاقي في سلوم العرب ويقدمه عبر ثلاث حكايات لا يبتعد كثيرًا عن الراوي الصحراوي أو تلك الراوية التي تفاعلت بشكل عفوي مع طفل عبر الحائط الوهمي بين فضاء التلقي وفضاء العرض أثناء تقديم عرض رثاء، إنه ذات الراوي الذي يظهر كصوت متعالي ومنفصل وغير قابل للامساك به في عرض الخيمة...

يمكننا هنا أن نتوقف بالطبع أمام الراوي ليس عبر الأدوار المسرحية التي يقوم بها داخل العرض المسرحي ولكن بوصفه جزء من تقليد أدائي وثقافي مركزي داخل الثقافة العربية ، فالراوي وكما قدم في العروض ليس براوي منفصل عن الثقافة بل هو حامل التراث ،المحافظ عليه ،الناقل له والحافظ للتاريخ والثقافة والأصل؛ إنه ممثل الثقافة العربية التي تحفل وتحتفي بالسرد والرواية الشفاهية التي طالما تم تقديمها عبر تاريخ الثقافة العربية بوصفها القناة الأكثر مصداقية لتنفيذ عمليات انتقال المعرفة والتاريخ والمعتقد، إن الراوي هو أداة الربط بين الجمهور المنتمي للمدينة الحديثة وجذوره الممتدة في البادية، بين اللحظة الراهنة وأصولها المنسية، بين الحاضر الضال والماضي الراسخ، هو ممثل الطبيعة وثقافة الصحراء، إنه يظهر بوصفه نتاجها ومن ثم يعيد انتاجها عبر وساطته السحرية التي تمتلك القدرة على النفاذ للحظة الراهنة والمشتركة مع المتفرج من ناحية والماضي الساكن والمنتظر لإعادة إحياءه من ناحية أخرى والطبيعة التي خرج منها ويعود إليها، إنه إذن لا يحضر بوصفه تقنية فنية أو بوصفه جزء من فنون الأداء والتي تحفل غالبية العروض بعمليات استعراض مجاني لها أحيانًا، بل بوصفه العنصر الثقافي الأكثر هيمنة على العقل المنتج لتلك العروض والتقنية الأكثر قربًا من الثقافة العربية التقليدية القائمة على النقل وتواتر المرويات وانتقالها، إن الراوي يمثل المفصل الحقيقي الرابط بالنسبة للعقل المنتج للعروض على افتراض أن مبدعيها جزء من ذلك العقل الجمعي بين الثقافة العربية (في أصولها الأكثر نقاءً أو البادية ) وبين الثقافة العربية في اللحظة الراهنة (الراوي /النقل/ الصوت الموثق والموثوق.... الخ).

في النهاية ربما كان من الطبيعي الانجذاب والإعجاب بذلك الطموح الذي يطل برأسه من عروض مهرجان المسرح الصحراوي ففي وقت تهاجم فيه الثقافات المحلية والقومية حول العالم من قبل عولمة تسعى عبر وجهها الثقافي لمحو كل تمايز أو بروز لأي هوية ثقافية ربما يكون مهرجان المسرح الصحراوي أحد تلك الأصوات العربية البارزة التي تندفع لحماية وتأكيد الثقافة العربية بشكل عام والحفاظ على الهوية الثقافية للإمارات بشكل خاص.

ليست هناك تعليقات:

المحاكاة الساخرة (الباروديا) .... ماكينة الهدم والتحطيم

يبدأ المشهد بفريقين لكرة القدم يقفان في مواجهة بعضهما البعض ... الأحمر إلي يسار المتفرج والأبيض إلي يمينه، ربما يبدو المشهد مألوفاً ودلال...